عاجل
الأربعاء 19 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

منير مطاوع  60 سنة صحافة و60 سنة أدب

منير مطاوع الكاتب الصحفي والروائى
منير مطاوع الكاتب الصحفي والروائى

يرى الكتابة متعة ومؤانسة، ويستعد لإصدار كتابه "حكايات 60 سنة صحافة"، والذي ينشره الآن حلقات مسلسلة على صفحات مجلة "صباح الخير"، هو منير مطاوع الكاتب الصحفي والروائى، الذي يعيش فى لندن، وقلبه فى القاهرة، يتنفسها فى كتاباته ورؤاه، ولا تفوته أحداثها الثقافية فهو يحرض دائما على حضور فعاليات المعرض الدولى للكتاب، مرتبطا بالحركة الثقافية والإبداعية فى مصر.



 

•  الأدب صحافة

يقول مطاوع عن كتابه "حكايات 60 سنة صحافة": "فيه أترك لنفسى حرية التجول فى دوائر الذكرى دون تخطيط مسبق حتى أشعر براحة ومتعة، لا تحققها عملية التوثيق الأرشيفية، ولا يتحقق معها للقارئ ذلك الشعور بالمتعة والمؤانسة" وهو يهتم فى كل حكاية بجوهرها، ودلالتها فى كل ومضة أو حدث.

 

سألته: تكتب عن ستين سنة صحافة فما نصيب رحلتك مع الأدب منها؟

ابتسم قائلا: [الصحافة والأدب من وجهة نظري حاجة واحدة تقريبا، فالصحافة أدب فيه رأى مباشر ووضوح، والأدب صحافة لأنه يكشف لنا أغوار النفس والمجتمع، يعطينا أخبار وأحداث كل زمن، أخبار عميقة جدا عن الإنسان، وتاريخه وتكوينه. وبدون الصحافة لن يكون هناك أدب لأنها جعلت الأدب متداولا عن طريق الصحف والمجلات.

 

• أستاذ الحب

ويستطرد: "فتحى غانم اعترف بأنه أديب دخل مجال الصحافة ليروِّج لأدبه، إحسان عبدالقدوس نصفه صحفى، ونصفه أديب، وقد نجح فى تحويل الصحافة إلى أدب.

 

فللمقالات طاقة إبداعية، تجعل للكتابة متعة بحيث يشعر القارئ بشعور وجدانى عندما يقرأ للكاتب، ولذا كان إحسان عبدالقدوس أستاذ الحب فى الصحافة والأدب، بل وفى الإذاعة أيضا فقد كانت له كلمة أسبوعية فى الإذاعة المصرية إلى جانب كلمات طه حسين، وعباس العقاد.

 

 

 

•  قصتي مع الأدب

ويحكى منير مطاوع عن طفولته، عن البداية التي جعلته يعشق الكتابة فيقول:

[كان لدينا مكتبة فى البيت، وعليها ستائر، وكان والدى يحب الصحافة، والأدب، وكانت الكتب مرصوصة فى المكتبة على أرفف قوية متينة فكنت أجلس على رف من رفوفها، وأغلق علىّ الستارة، وبدأت القراءة بمجلة كان اسمها: "كتب للجميع"، وكانت مجلة شهرية، وفيها قصص، فقرأت فيها قصصا لإحسان عبدالقدوس، ومنها قصة "صانع الحب"، و"بائع الحب"، وكان فى هذا الوقت متأثرا بالكاتب الفرنسى "موباسان"، وكانت ثقافة إحسان فرنسية فقد تخرج من كلية الحقوق، وبعد ذلك أصبح له أسلوبه الخاص فى كتابة القصة.

 

كانت عندى متعة التواصل مع الأدب، ولا أريد لأحد أن يأخذنى من عالمى، فكنت أختبئ خلف الستارة، وأدرك والدى محبتى للأدب، فطلب منى أن أقوم بحصر ما لدينا من كتب، وعمل كشف ورقي بها، فعلمنى الارتباط بالقراءة، والتعرف على محتوى الكتب، ربما دون أن يقصد، وربما كان يقصد.

 

• فى مجلة "حسن"

سألته عن أولى خطواته فى عالم الصحافة فقال: [بدأت بالكتابة للأطفال من خلال مجلة كان اسمها "حسن"، وكان المدير الفني لها عادل البطراوي وكان زميلنا فى "صباح الخير"، ثم أصبح مديرا لتحرير مجلة "حسن" فكتبت معه فيها قصصا مُصوَّرة.

 

•  فى "صباح الخير"

كان أول موضوع ينشر لى فى مجلة "صباح الخير" بعنوان: "الصحافة اختراع فرعونى"، فى باب "حياة جديدة"، ونشر عام 1961، ولهذا المقال قصة طريفة، فقد كتبته فى مجلة الحائط وأنا فى المدرسة الثانوية، وشاركت به فى مسابقة المجلات المدرسية على مستوى الجمهورية، كنت وقتها فى السويس، وسافرت أنا والمشرف الاجتماعى وكان وقتها رجب البنا، وذهبنا إلى القاهرة لعرض المجلة فى المسابقة، ومر فتحى غانم الذي كان رئيسا لتحرير مجلة صباح الخير وقتها، وأعجبته المقالة ونشرها على صفحاتها، ثم نشرتُ بعد ذلك قصصي الأولى فى باب "حكاية"، فقد كنت متعلقا بعالمم الأدب والأدباء، فتعرفت على نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وكنت فى الحقيقة مُريدا له، ولست صحفيا، وهو كان يتعرف على نبض الجيل الجديد من خلالى أما بالنسبة لى فقد كنت أفكر فى عبقريته، وكيف تغلب على العقبات التي واجهته.

 

•  فن التفكير من كل الزوايا

ويقول عن صداقته مع نجيب محفوظ: [كنت أحضر ندوته فى مقهى "ريش"، وبعد فترة فكرت فى نشر تفاصيل الندوة فى "صباح الخير"، وطرحت عليه الفكرة، وقلت له: "ما رأيك أن ننشر ما يدور فى الندوة على صفحات المجلة؟، وبدلا من أن يعرف ما دار فى الندوة عشرون أو ثلاثون شخصية فسيعرف عنها حوالى عشرون ألف قارئ، أو ثلاثون ألف قارئ، فابتسم وابتهج، وفسرت ذلك بأنه قد وافق، ولكنه قال لى: "خَلِّى الفكرة عندى، ولما نلتقى أخبرك برأي فيها"، وكنا جيران فى العجوزة، فى شارعين متجاورين، كنت أنتظر هذا المجد بشغف، أن أنشر ندوته وأخبارها لكنه قال لى بعد ذلك أن ما سننشره سيؤثر بالسلب على الندوة، فسوف يرتادها محبو الشهرة والساعون إليها، سيأتون للظهور فى الصحافة، وأريد الندوة خالصة للفكر والأدب، فتأملت كلامه، وتعلمت درسا مهما، وهو ألا ننظر للأمور من زاوية شخصية بل من كل الزوايا، فلو أخذ المرئ الأمور من وجهة نظره فقط سيكون موقفه محدودا أو ضيقا]

 

ويضيف مطاوع: [ومن هذا الموقف تأكدت أن محفوظ أديب من طراز رفيع، واثق من نفسه، وليس محتاجا لدعاية، وكان حريصا على رسالته].

 

•    سر أول رواية

 

قلت له: بدأت كتابة أول رواية عام 2009، بعد كتابات غزيرة فى الصحافة فما سر أول رواية؟

 

ابتسم قائلا: [كنت أريد أن أكتب رواية عندما اعتزل العمل الصحفى، لكن هذا لم يكن أمرا صحيحا لأن الكاتب لا يعتزل أبدا فبدأت أكتب روايتى الأولى، كنت فى عامى الرابع والستين، وكنت قد وجدت تشجيعا من بعض الذين قرأوا كتابى عن سعاد حسنى، وخاصة من زميلى في مجلة صباح الخير رسام الكاريكايتر محسن جابر الذي أثنى على أسلوب كتاباتى لحواري الطويل مع سعاد حسنى.

 

وكنت قد تعرفت على على محسن جابر عام 1962، عندما كنا طلبة فى ثانوي، واختارونا فى معسكر المتفوقين فى "باكوس" بالإسكندرية، وتعرفت عليه أكثر فى كلية الفنون الجميلة عام 1964، وشجعتنى كلماته على التفكير فى كتابة رواية، كما شجعنى أيضا الكاتب الكبير صبرى موسى على ارتياد مجال الكتابة للرواية، وخاصة بعد ما قرأ لى ما كنت أكتبه على صفحات "صباح الخير" تحت عنوان: "ثلاث حكايات من لندن"، وكان ذلك فى رسالة أسبوعية، تجمع لدىّ منها حوالى خمسمائة مقال، وكان صبرى موسى يود أن يرشحنى بها لجائزة أدب الرحلات، فقد كان فى ذلك الوقت رئيسا للجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، لكن مشروع الكتاب تأجل، وبدأت أهتم بالاقتصاد والسياسة والتعليم فى لندن].

 

 

 

•  تحرير المرأة مثل تحرير الرجل

وعن أجواء كتابته لروايته الأولى يقول: "كنت أشعر أن المرأة بشكل عام وخاصة فى مجتمعنا مُعذبة، ونشأت فى ذهني كتابة رواية عن زعيمة نسائية، تعانى من بعض الأخطاء فى تركيبتها الشخصية، فكتبت وفى ذهنى قناعة: أن التخلف سببه عدم احترام مكانة المرأة فى المجتمع، وأنه حتى دعاة تحرير المرأة يختلط عليهم الأمر فيظنون أنهم يحررون المرأة من الرجل، لكن تحرير المرأة كتحرير الرجل، فمن المهم تحريرهما من الظروف العامة للمجتمع، التي تكمن فيها عناصر التخلف، ولابد أن تستعيد المرأة مكانتها وكذلك الرجل فهما متساويان فى المجتمع لكن أدوارهما تختلف، الرواية تناقش الخلط فى المفاهيم، ومن هنا كانت روايتى "سابع سماء"، وتبدأ ببطلتها تهرب إلى مكان منعزل لتكتب مذكراتها واختفت، ولا أحد يعرف مكانها، بدأت بهذا المفتتح، ثم انشغلت بهندسة ومعمار هذه الرواية، وبعدها كتبت عشرة روايات، نشرت منهم خمس روايات، ولازلت أعيد النظر فى الأخريات، ومهما تأجل نشرهن فإننى أومن بأن الرواية لا عمر لها، فقد كتب يحى حقى روايته "قنديل أم هاشم"، من عام 1939-1940، ثم نشرها عام 1944، ظل أربع سنوات يجيل النظر فيها.

 

•   رواية مجنونة!

ثم حدثنى عن رواية، لم ينشرها بعد، ومازال يعيد النظر فيها، ويراها رواية مجنونة!، فقلت له: وما هو مكمن جنونها؟! فأجاب: [الرواية اسمها "لا يمكن أن يحدث هذا!"، وأصوِّر فيها مولودا، فى يوم سبوعه لم يجدوه فى مهده إلى جانب جدته، وعندما بحثوا عنه وجدوا رجلا ضخما عاريا، هو نفسه كان مولودهم، كانت تشغلنى فكرة أن الإنسان يولد صغيرا، وعندما يبدأ يتعلم ويفكر ويفهم الدنيا يموت، الرواية نوع من التفكير خارج الصندوق، ففى عالم الأدب لابد أن تطرح شيئا جديدا، رؤية جديدة تكسر الإطار، فالأدب من وجهة نظرى مشروع ثورة على القائم الاجتماعى والفكرى والفلسفى بغرض رفع مستوى الحياة، ورفع إنسانية الإنسان، بدون الأدب لن يكون هناك قيم، ولانُظم، ولا اختراعات، بدون الأدب وسائر الفنون لن تكون للحياة أى معنى.

 

المشكلة الآن أن الإنسان يكاد يفقد إنسانيته بسبب افتقاد الرؤية، والنبل، والنظرة العميقة لإنسانية الإنسان، فالحياة أصبحت صراعا ومصالح شخصية، وصاحب المال يفرض شروطه.

 

•  الطير المُعلق

قلت: وماذا عن روايتك "الطير المعلق" التي صدرت بالإنجليزية، ولم تنشر حتى الآن بالعربية؟!

قال: [ترجمها لي المترجم كريس أشبولت وهو إنجليزى، درس في مصر والشام، وكتبت هذه الرواية منطلقا من فكرة أن الـمرأة ليست في مكانها الصحيح في المجتمع، وتدور فكرة الرواية حول معاناة فتاة، اتفق أبوها وأمها و"الداية" أن يسجلوا ابنتهم ولدا، ويعاملوها كأنها ولد، فلها ست أخوات بنات، والمجتمع الذكورى يريد ولدا، فقاومت البنت ما فرُض عليها، وتمزقت بين هويتها كأنثى، ووضعيتها الاجتماعية كذكر، وتغلبت على ذلك، ونجت من محنتها بمساعدة خالتها التي رفضت معها موقف الأبوين.

 

•  السفر والإبداع

 

سألته: هل كان السفر مؤثرا في رحلتك الأدبية وإبداعك؟

قال: [المهم الإنتاج، ورحلة الإثمار، ذلك الرحيق، وذلك العسل الصافي فعلى سبيل المثال نجيب محفوظ كان لا يرغب في السفر، كان عنده رغبة في السفر إلى الداخل، والمشي في شوارع القاهرة، والتواصل مع الناس، ومعايشتهم، مما أكسبه خبرة عالية بالشخصية المصرية، فقد كان يجلس في المقهى، ويمشى في الأسواق، ويلتقط كل شيء.

 

أما فتحى غانم على سبيل المثال فقد كان يعتبر السفر أهم من قراءة الكتب، فهو يفتح العينين على عوالم أخرى جديدة، بالنسبة لي المهم هو الناتج الأدبى، ولا يهمنى النحل مر على كم زهرة، وأيها منحته الرحيق؟

 

•  ثقافة وصحافة ومسرح

 

قلت له: وماذا عن الحياة الثقافية في لندن؟ وماذا عن الصحافة العربية فيها؟

 

فقال: [لقد وقع بعض الكتاب والأكاديميين في خطأ فادح هو تسمية الصحافة العربية الصادرة في لندن بأنها الصحافة العربية المهاجرة وهذا وصف غير صحيح، فلم تكن هناك سوى صحيفة واحدة مهاجرة هي مجلة "الحوادث" اللبنانية، أما البقية وعددها "تسعة عشر" جريدة ومجلة لم تكن مهاجرة، بل ولدت في لندن أما بالنسبة للحياة الثقافية هناك فإن الأدب الإنجليزى في أحدث طبعة، يكتبه الهندى، والمصري، والباكستاني، واليابانى، فالأدب تقدم وازدهر في كل تلك البلدان، فتفوقت الأعمال التي يكتبونها بالإنجليزية أو التي يتم ترجمتها إلى الإنجليزية، وعلى سبيل المثال: الأديبة المصرية أهداف سويف، وصلت للقائمة القصيرة في جائزة البوكر العالمية، وروايتها "خريطة الحب"، بيع منها حوالى مائة ألف نسخة، وهى عضو لجنة الإشراف وإدارة المتحف البريطاني وفى رأي أن بريطانيا الحديثة لم تظهر بها أسماء بارزة في الأدب بسبب سيطرة مفهوم الفرد، والتكريس للفردية وحقوق الفردية الذي أثر على مفاهيم إنسانية واجتماعية كثيرة أثرت على الأدب، لكننا بالطبع أفدنا من أعلام الأدب الإنجليزى مثل ميلتون، وشكسبير، وتشارلز ديكنز، وجين أوستن.

 

سألته: عن المسرح الإنجيلزى، عن تلك المسارح المهمة التي تشتهر بها لندن 

فقال: [هناك ثمانون فرقة مسرحية، وتعرض مسرحياتها كل يوم في لندن، كل مدن بريطانيا فيها مسارح، كل حي فيه مسرح أو اثنان، حي "وينبلدون" فيه مسرحان، وحي "ريتشموند" فيه مسرح واحد، في السبعة وعشرين حي توجد مسارح، لكنهم يقومون بإعادة العروض القديمة (ريبرتوار)، أما الكتابات المسرحية الجديدة فليست في مستوى العروض القديمة].

 

•    حوارات مع مشاهير

 

سألته: أجريت حوارات عديدة مع مشاهير زاروا لندن، فماذا عنها؟

فأجاب: [قابلت شخصيات مهمة عديدة، ومنها أحمد بن بيلا الذي كان يعيش في جنيف وجاء إلى لندن ضمن دعوة عالمية لدعم العراق وفلسطين، وأجريت معه حوارا مهما، ونشرته في "صباح الخير" عام 1999، وكان معه زعيم انجليزى هو "تونى بن" وكان نائب حزب العمال وكان قد تزعم حركة المعارضة ضد الحرب على مصر عام 1956.

 

كما التقيت، مجدى يعقوب، والفريق فوزى، وأشرف مروان، وصلاح أبوسيف.

 

ثم أجريت حوارا مطولا مع سعاد حسنى ونشرته في "صباح الخير" في حلقات بعنوان: "أيام وليالي الضباب في لندن"، واستمر نشرها لمدة ثمانية عشر أسبوعا، ثم جمعتها في كتاب.

 

•   مقال لم ينشر

 

أسلته: هل هناك مقالات لك لم تنشر وماذا كان السبب في عدم نشرها؟

 

فقال: [حواري مع صلاح أبوسيف في لندن، لم يُنشر رغم أنى سجلت معه ثمان ساعات، سجلت معه كرائد الواقعية الحديثة في السينما المصرية، ولكن الحوار لم يُنشر بسبب عودة صلاح أبو سيف إلى مصر، وقال لي "عندما تأتى إلى مصر نكمله"، لكن الظروف لم تمكننا من استكمال الحوار.

 

أما الحوار الذي لم ينشر أيضا كان مع نجيب محفوظ.

 

قلت: ماذا جاء في هذا الحوار، ولماذا لم ينشر؟!

 

فقال: [قرأت لمدة ثلاثة شهور ما كتبه النقاد، وما وجهوه من انتقادات لنجيب محفوظ، وأذكر أن من أهم ما سألته عنه هو أنى قلت له: أنت متهم بمهادنة السلطة فما هو ردك على هذا الاتهام؟

 

فقال محفوظ: أنا سُلطة، لكن سلطتى أضعف من سلطة الدولة، فأنا مشغول بحماية سلطتى، فلو أننى اصطدمت بالسُلطة ستؤذي ما أمتلكه من سُلطة، أنا لست زعيما سياسيا، ودوري هو الارتقاء بالإنسان].

 

ثم استطرد مطاوع قائلا: [لكن الحديث لم ينشر رغم أنه كان جاهزا للنشر عام 1972، وكان ذلك بسبب ما جمعناه من توقيعات الأدباء والمفكرين عام 1972، نطالب الرئيس السادات بدخول الحرب، وإزالة آثار العدوان، وتحرير سيناء، فكتبنا عريضة، فيها مائة اسم ليوقعوا عليها، ولما قلنا لتوفيق الحكيم اقتنع بالفكرة، وكتب لنا الديباجة، وأمهرها بإمضائه، وكذلك فعل نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وصافيناز كاظم، وأحمد عبدالمعطى حجازى، وأنا، ووقتها كان أحمد بهاء الدين مريضا لم يمهرها بإمضائه، لكن السادات اعتبره سبب العريضة، التي أخذها حجازى وسلمها لوزارة الثقافة، وتم إرسالها للرئاسة، فتم إرسال الأسماء التي وردت في العريضة للرقابة، التي منعت نشر هذه الأسماء في الصحف ولا حتى في صفحة الوفيات كما أمر السادات، وبعدها لم يُنشر حوارى مع محفوظ في "صباح الخير".

 

لكننى تغلبت على هذا الوضع، عندما التقيت بمحفوظ والحكيم في الإسكندرية، في مقهى مصري يونانى، وكان قد جاء حسن فؤاد، وعبدالرحمن الشرقاوى، ولويس جريس، ومحفوظ، وقررت أن أنشر موضوعا في "صباح الخير" عن الأدباء وكيف يقضون الصيف؟، وقرأنا الموضوع أنا ومحفوظ والحكيم الذي قال لي: "ياولد أنت عقلك كمبيوتر، فقد كنت أحفظ الحكايات وأكتبها، وأقنعت الرقيب وكنت أعرفه - أن ينشر الموضوع، فحذف بعضا منه، لكنه سمح بنشره، ونشره رؤوف توفيق بالصور على صفحات "صباح الخير"، وبعدها نُشرت أسماؤهم في كل مكان.

 

•    الحياة منحة

 

سألته: هذه الرحلة الصحفية والأدبية الغنية، هذه الحياة الثرية كيف تراها الآن؟

 

قال: [الحياة منحة من الله، والحياة تقتضى من الإنسان أن يُشارك فيها، فمشروع الإنسان في الحياة هو إعادة صنعها بشكل أفضل، فإذا لم تفعل تكون كالطالب الذي فاتته المحاضرة، يبقى مسجل غياب!، الإنسان له دور، والكاتب لابد أن يكتب بضمير وصدق، وأن يعمل إضافة للوجود الإنسانى، فالمرء ليس موجودا من أجل نفسه، بل لكى يُنجز ويبذل من نفسه للمجموع حتى يزدهر المجتمع.

 

.. تتدفق كتابات منير مطاوع الصحفية، ورواياته التي نشر منها "سابع سماء"، و"سبع جنات"، و"أنا لست هانى الحلوانى"، و"الطير المعلق"، وغيرها، إنه يُبدع في عالمين: عالم الصحافة، وعالم الأدب، وتظل كتاباته جميعا تحمل جوهرها العميق، وتحقق لقارئها المتعة والمؤانسة.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز